كيف تُنشئ بيئة تعاونية ناجحة في المشاريع؟ المبدأ الثاني من دليل PMBOK
أوجد بيئة تعاونية لفريق المشروع: عندما يتحول التعاون إلى قيمة
تنويه:
هذا المقال يتناول المبدأ الثاني من المبادئ الـ12 التي وردت في الإصدار السابع من دليل إدارة المشاريع الصادر عن معهد إدارة المشاريع (PMI)، تحت عنوان:
“أوجد بيئة تعاونية لفريق المشروع”
للاطلاع على الدليل الرسمي ومزيد من التفاصيل، يمكن زيارة موقع المعهد على الرابط التالي:
https://www.pmi.org

تمهيد
في كثير من المشاريع، تتوفر الميزانيات، وتُحدد الجداول الزمنية، وتُجهز الأدوات، لكن رغم كل ذلك يفشل المشروع في تحقيق أهدافه بسبب ضعف البيئة التعاونية في ادارة المشاريع . ليس بسبب نقص الموارد، بل بسبب غياب البيئة التي تسمح للفريق بالتفكير معًا، والاختلاف باحترام، واتخاذ قرارات مشتركة.
البيئة التعاونية ليست ترفًا تنظيميًا، بل هي حجر الأساس الذي تُبنى عليه القرارات الجيدة، والأفكار القابلة للتنفيذ، والقيمة الحقيقية التي يسعى المشروع لتحقيقها.
ما المقصود بالبيئة التعاونية؟
هي المساحة الفكرية والسلوكية التي تُمكّن أعضاء الفريق من العمل معًا بفعالية، عبر تبادل المعرفة، والاحترام المتبادل، والمشاركة في صنع القرار. لا تعني فقط توزيع المهام أو عقد الاجتماعات، بل تعني خلق ثقافة يشعر فيها كل عضو بأن صوته مسموع، وأن نجاح المشروع مشترك لا فردي.
لماذا البيئة التعاونية ضرورية لتحقيق القيمة؟
القيمة لا تُنتج بقرار فردي، بل بقرارات جماعية ناضجة. وعندما يُتاح للفريق العمل في بيئة تعاونية، تصبح هناك قدرة جماعية على:
- معالجة المشكلات بمرونة.
- ابتكار حلول تتناسب مع احتياجات أصحاب المصلحة.
- تعديل المسار دون مقاومة أو تبرير.
- مراقبة القيمة الناتجة باستمرار.
المشاريع التي تفتقر للتعاون قد تحقق الإنجاز الزمني أو المالي، لكنها نادرًا ما تخلق قيمة حقيقية يشعر بها العميل أو المستخدم.
أنواع البيئات في إدارة المشاريع
- البيئة التقليدية: بيئة تركز على التحكم والتخطيط الدقيق، ويكون التعاون فيها محصورًا في قنوات رسمية.
- البيئة الرشيقة (Agile): تعتمد بشكل كبير على التعاون اللحظي، والتواصل المفتوح، والعمل الجماعي المستمر.
- البيئة الهجينة: تدمج بين المنهجين، وتُشكل تحديًا في إدارة التعاون بين فرق تعمل بأنماط مختلفة.
كيف نخلق بيئة تعاونية حقيقية؟
- تعزيز الثقة داخل الفريق: تُبنى من خلال الصدق، والاحترام، والمصداقية في التعامل اليومي.
- إنشاء قواعد الفريق بشكل مشترك: يجب أن يتفق الفريق على آليات العمل وطرق التواصل.
- الشفافية في تبادل المعلومات: المعلومات الواضحة تسهّل التعاون وتعزز الثقة.
- تشجيع الحوار لا الجدال: الحوار الجيد يصنع التفاهم، أما الجدال يصنع الحواجز.
- استخدام أدوات دعم التعاون: مثل Trello وMicrosoft Teams وMiro لتسهيل العمل الجماعي.
- قيادة تسهيلية لا سلطوية: دور مدير المشروع هو تيسير التعاون، وليس فرض القرارات.
عوائق البيئة التعاونية وكيف يمكن تجاوزها
- غياب الثقة: يُعالج عبر جلسات بناء الفريق والمصارحة التدريجية.
- الصراعات الشخصية: يجب فصل الشخص عن الفكرة وإدارة الخلاف بموضوعية.
- فرق العمل الموزعة جغرافيًا: تُحل عبر أدوات التعاون الرقمية ومراعاة الفروقات الثقافية.
- تعارض الأولويات: يُعالج بربط أهداف الأفراد بالأهداف المشتركة للمشروع.
البيئة التعاونية في المشاريع الرشيقة (Agile)
منهجية Agile قامت أساسًا على مبدأ التعاون. فالفريق في المنهجيات الرشيقة:
- يجتمع يوميًا لتبادل التحديثات والعوائق.
- يراجع عمله بشكل تكراري لضمان التحسين المستمر.
- يعمل في فرق متعددة التخصصات، تسعى لحل المشكلات بشكل جماعي.
البيئة التعاونية ليست فقط مفيدة في الأجايل، بل هي شرط للنجاح فيها. لا يمكن لتطبيق Scrum أو Kanban أن ينجح إذا لم يكن هناك وعي عميق بثقافة التعاون.
دراسة حالة: تجربة ING Bank في خلق بيئة تعاونية
في عام 2015، قررت شركة ING Bank الهولندية إجراء تحول جذري في أسلوب عملها، من خلال تطبيق المنهجيات الرشيقة على مستوى المؤسسة. ومن أول الخطوات التي اتخذوها كانت خلق بيئة تعاونية تشمل جميع الفرق.
شملت الإجراءات:
- إزالة الحواجز بين الأقسام.
- إنشاء فرق متعددة التخصصات.
- اعتماد اجتماعات يومية لمشاركة التقدم والتحديات.
- توفير أدوات رقمية تسهّل التخطيط المشترك.
النتائج:
- تسريع إطلاق المنتجات الجديدة.
- تقليل معدل الأخطاء بنسبة 40٪.
- ارتفاع معدل الرضا بين الموظفين والعملاء.
اتجاهات حديثة في بناء بيئات تعاونية
- تصميم المساحات التفاعلية لتشجيع العمل الجماعي.
- القيادة التيسيرية كبديل عن القيادة التقليدية.
- استخدام الذكاء الاصطناعي لدعم اتخاذ القرار التعاوني.
- تنمية الذكاء العاطفي الجماعي لتعزيز الثقة والانفتاح.
شارك بفعالية مع المعنيين: المبدأ الثالث من دليل PMBOK | إدارة المشاريع t&t