أسباب الهدر في الإدارة الرشيقة
بعد أن تعرفنا الاشكال الثمانية الكبرى للهدر التي حددها نظام الإدارة الرشيقة، سنتوسع أكثر في الحديث عن أسباب الهدر الحاصل خلال إدارة المشاريع و طرق تجنبه، نظراً لأهمية هذا الجانب من الإدارة الرشيقة، فضلاً عن أن تجنب الهدر يوفر الوقت و المال و الموارد الأخرى، لكنه يشكل لب و جوهر نظام الإدارة الرشيقة الذي يسعى إلى إدارة المشاريع باحترافية من خلال استخدام أقل ما يمكن لإنتاج أفضل ما يمكن و في الوقت نفسه نيل رضا العميل و الحصول على مخرجات عالية الجودة.
حين تطبيق الأنظمة التقليدية في إدارة المشاريع فإن احتمال حدوث الهدر سيكون أكبر، لسبب بسيط هو أن هذه الأنظمة الإدارية تعتمد في وضع خطة المشروع و تنفيذه على تسلسل جامد نوعاً ما و غير مرن مما يلزم مدير المشروع باتباع الخطوات بالترتيب و إلا سيحدث خلل ما في الإنتاج؛ و ذلك لأن الخطة في الأساس موضوعة حسب ذلك بالتالي في بعض الأحيان لا يمكن الانتباه إلى الهدر الحاصل و حتى لو تم الانتباه إليه لا يمكن معالجته، أما الإدارة الرشيقة فتوفر نظاماً سلسا مرناً من العمليات و الأنشطة التي تكون المشروع، و المرونة هي الأساس في العمل الرشيق، هذا يعني إمكانية اكبر للتنبه للهدر قبل حصوله و كشفه و تجنبه مما يعني التوفير و الأداء الدقيق عالي الجودة.
يمكن أن يحصل الهدر خلال أي مرحلة على امتداد سير المشروع و في أي عنصر من عناصره، إلا أننا سنتطرق إلى أهم أسباب و أشكال الهدر و حين معرفتها و إدراكها بشكل جيد يمكن لمشرف المشروع الرشيق و حتى أفراد الفريق أنفسهم أن يتجنبوا أي هدر لا حاجة له.
ضعف التخطيط أول أسباب الهدر
التخطيط غير الملائم و غير الدقيق قد يشكل مصدراً للهدر في المشروع، هذا لا يعني فقط ان التخطيط الضعيف يمكن أن يؤدي إلى عمليات خاطئة لاحقاً قد تسبب هدراً في الموارد، بل أن التخطيط الزائد غير الضروري أيضاً شكل مهم من أشكال الهدر، كأن تتم عملية التخطيط على نطاق واسع دون الحاجة لذلك فسيشتمل على عناصر و أحداث و أنشطة غير لازمة و لا يعتمد إنهاء المشروع و الحصول على المنتج بنجاح عليها.
جانب آخر من الهدر في التخطيط هو التخطيط الخاطئ غير المدروس، إما لضعف الخبرة او ضيق الوقت أو شح البيانات، كأن يتم وضع خطة المشروع دون الموافقة التامة عليها من قبل أعضاء الفريق و الاهم هو موافقة العميل و المعنيين بالمشروع، هذا سيؤدي حتماً إلى عمل لا يحقق المواصفات المطلوبة من قبل العميل و مالكي المشروع، مما سيشكل هدراً كبيراً لموارد و قيمة المشروع.
يمكن تجنب الهدر في التخطيط عبر وضع الخطة بالاعتكاد على المبادئ التي حددتها الإدارة الرشيقة و الالتزام بها، و التي تشمل المرونة و السلاسة و الكفاءة و تحديد المهمات بشكل واضح، أيضاً أحد الحلول الفعالة التي اقترحتها الإدارة الرشيقة في التخطيط الصحيح هي وضع خطة المشروع و تقسيمها بناء على مراحل، هذا يعني وضع خطة أصغر لفترة زمنية أقصر مما يعني احتمال هدر أقل و نجاح اكبر، ثم الانتقال إلى خطة المرحلة التالية عندما يحين وقتها، و هكذا حتى انتهاء المشروع بنجاح.
تجميع البيانات من أسباب الهدر
البحث و تجميع البيانات أيضاً قد يشكل سبباً للهدر، البحث غير الفعال و الذي يشمل على بذل الجهد و الوقت و المال لجمع البيانات غير الضرورية في المشروع يعتبر هدراً لموارد العمل، بالإضافة إلى ذلك فإن البيانات الخاطئة قد تسبب خسارة مستقبلية، تجنب هذا الأمر يكون بالبحث وفق منهجية دقيقة واضحة و عملية، لضمان الحصول على البيانات المفيدة فقط لا غير، و الأهم هي أن تكون صحيحة و فعالة، ثم دراستها و تحليلها بدقة و اعتماد ما يفيد المشروع و يحقق الهدف منه.
مشاكل فريق العمل
يشكل فريق العمل نواة المشروع من وجهة نظر الإدارة الرشيقة، ففي نشأة النظام الرشيق نفسها اعتمد على التركيز على العنصر البشري أكثر من خطة الإنتاج أو أدواته باعتبار أن الفريق البشري هو الذي سيدير هذه العناصر ضمن المشروع، و بالتالي وجب الحديث عن فريق المشروع و الهدر الذي يمكن أن يحصل بالعنصر البشري للمشروع الرشيق.
اختيار العناصر الخاطئة في الفريق هو أحد أهم أسباب الهدر في هذا الجانب، هذا يعني بالطبع توظيف الشخص غير المناسب ضمن الفريق و عدم إفادته للمشروع، على الجانب الآخر يشمل ذلك استبعاد الخبرات الضرورية و اللازمة لنجاح المشروع نتيجة التخطيط الضعيف أثناء اختيار أفراد فريق المشروع.
الخبرات غير اللازمة و قليلة الفائدة للمشروع تشكل عبئاً إضافياً على تكلفة المشروع، فضلاً عن ذلك يمكن ان تعرقل سير العمليات أو تبطئها نتيجة عدم ملاءمة خبرة هذا الفرد لهذا المشروع بالذات، على الجانب الآخر استبعاد الشخص الصحيح و الضروري لنجاح المشروع سيؤدي إلى صرف المزيد من التكاليف و الوقت التي كان بالإمكان تجنبها فيما لو كان هذا الشخص ضمن فريق العمل.
بالطبع فإن تشكيل فريق العمل المسئول عن المشروع يحمل أهمية كبيرة بشكل عام وفق نظر الإدارة الرشيقة، لذلك فإن الاستعانة بمختصي الموارد البشرية و الخبراء في مجال المشروع الجاري تنفيذه يمكن ان يساعد على وضع قائمة الخبرات و المواهب اللازمة و الضرورية للمشروع و التي يمكن أن تشكل فائدة ذي قيمة للمشروع سيؤدي إلى تشكيل الفريق المثالي لتنفيذ المشروع بالتالي الحصول على أفضل المخرجات، بجانب ذلك فإن هذا سيقلل من الهدر الذي تحدثنا عنه في العنصر البشري، عبر وضع الخبرة الصحيحة في مكانها المناسب من المشروع.
مشاكل التواصل
من أسباب الهدر الإداري الهامة هي ضعف التواصل، بما في ذلك التواصل بين أفراد الفريق نفسه و بين الفريق و العميل أو المعنيين بالمشروع، يضمن ذلك التواصل البطيء أو غير الفعال، أو شح وسائل التواصل اللازمة للحفاظ على قنوات فعالة بين جميع أفراد المشروع أو حتى الفهم الخاطئ لخطة المشروع أو المهام الموكلة لكل فرد من الفريق، ضعف التواصل يمكن ان يسبب هدراً كبيراً و خسارة مهمة في المشروع، على سبيل المثال التواصل غير الفعال بين الفريق و العميل يمكن أن يؤدي إلى تصنيع منتج لا يطابق المواصفات و المعايير المطلوبة من قبل العميل مما سيؤدي بالنهاية إلى رفض المنتج، أيضاً فإن ضعف التواصل بين أفراد الفريق نفسه سيسبب البطء في العمل و التأخر في التسليم، يمكن أن يؤدي إلى نتائج أكثر أهمية تضر بالمشروع كأن يحدث خلل ما في التصنيع سيؤدي إلى الحصول على مخرجات ضعيفة الجودة أو غير ملائمة لهدف المشروع.
بناء قنوات التواصل الفعالة و السريعة، التنبيه إلى أهمية التواصل بين أفراد الفريق و متابعة عمليات التواصل و التنسيق بشكل مستمر و التأكد من أن الجميع يعمل وفق الخطة و يدرك دوره و مسئولياته و مهامه، هي بعض الوسائل التي ستؤدي إلى إنشاء تواصل قوي في المشروع مما يمكن الفريق من تجنب الهدر و آثاره الضارة في حال حدوثه.