الاستجابة الفعالة للتغيرات أهم من الالتزام بخطة ثابتة

الاستجابة الفعالة للتغيرات أهم من الالتزام بخطة ثابتة
سنضع خطة العمل كاملة بكل التفاصيل و بعد دراسة موسعة تمتد من بداية المشروع حتى إتمامه، ثم سنبدأ العمل و ننجزه على اكمل وجه و بعدها سنرى النتيجة… هذا هو العكس تماماً مما تعتمد عليه و تقوم به إدارة المشاريع الرشيقة هو الاستجابة الفعالة للتغيرات أهم من الالتزام بخطة ثابتة.
Agile Manifesto-value 4
نص إعلان الإدارة الرشيقة: المبدأ الرابع
Responding to change over following a plan
الاستجابة الفعالة للتغيرات أهم من الالتزام بخطة ثابتة
لا بد ان الخطة مهمة لأي مشروع، لكن لماذا سنضيع الوقت و الجهد في إعداد خطة متقنة رغم أننا مهما حاولنا حصر الأخطار المحتملة و التغيرات التي يمكن ان تحدث خلال العمل لن نكون قادرين على حصرها بشكل دقيق؟
في الإدارة الرشيقة فإن المرونة و القدرة على التكيف مع الذي سيحصل أهم من وضع خطة و الالتزام بها بشكل صارم دون أي فائدة بل على العكس ربما تكون الأضرار كبيرة في حال لم يكن هناك مرونة في التعامل مع التغييرات التي يمكن أن تحدث في أي وقت.

استراتيجية التخطيط في الإدارة الرشيقة
يقوم المشرف على المشروع الرشيق بوضع خطة عمل للمشروع، لكنها تختلف بشكل كامل عن نمط أو أسلوب الخطة في المشاريع التقليدية حيث يكون هناك دراسة شاملة لعناصر الخطة من بدء حتى نهاية المشروع، الخطة الرشيقة تعمل على الإنجازات المتكررة خلال فترات قصيرة الأمد.
بين المفكرون و المتخصصون بالإدارة الرشيقة أن استلام المشروع و البدء به بشكل تدريجي و قياس نتائج كل مرحلة بمفردها، بأوقات زمنية قصيرة و مراحل عمل صغيرة، سيكون أفضل نتيجة و أكثر فعالية و أقل خسارة للمشروع، لماذا؟ لأن مراقبة سير العمل بشكل دقيق و معالجة الأخطاء أو التغييرات بشكل مستمر سيوفر الوقت و الجهد و يقلل الخسائر.
يعتمد التخطيط في الإدارة الرشيقة على البدء المتواضع، يتم اللبدء بشكل صغير ثم التخطيط للمرحلة اللاحقة حين الانتهاء من المرحلة الحالية، و بعد قياس نتائجها و تعرف مشاكل العمل حتى الآن و وضع الحلول و إصلاحها ثم الانتقال الى الجزء التالي من العمل.
يحمل هذا التفكير الاستراتيجي الكثير من الإيجابيات و المزايا مقارنة مع التخطيط التقليدي، فهو يمكن المشرفين و القائمين على المشروع من معرفة و دراسة تحديثات و مستجدات السوق و العميل و الموارد بشكل مستمر و تسيير المشروع على هذا الأساس، فعلى سبيل المثال حين ظهور تقنية جديدة يمكن استخدامها في المشروع سيكون المشرف قادراً على إدراجها ضمن ادوات المشروع في المرحلة المقبلة، بالإضافة الى ذلك في المشاريع التقليدية و بعد وضع خطة العمل طويلة الأمد التي يمكن ان تغطي شهوراً او سنوات من العمل، و بعد انتهاء المشروع و قياس النتائج من الممكن ان تظهر مشكلة ما تتطلب وضع حل لها، هذا الحل من الطبيعي أن يكون حلاً شاملاً يستنزف حجماً كبيراً من الموارد و الجهود، أما في المشروع الرشيق و نظراً للدراسة و المراقبة المتلاحقة لمراحل المشروع الصغيرة، سيكون بناء و تنفيذ الحل الخاص بمرحلة معينة أسهل و أقل استنزافاً و خسارةً، غير هذا فإن التخطيط المتواضع يترافق بخسائر متواضعة، و نكرر أهمية القدرة على التكيف مع المتغيرات المختلفة التي يمكن ان تطرأ على المشروع.
العمل بهدوء، البداية المتواضعة، المراقبة المستمرة، المرونة و التكيف و استغلال التغيرات لمصلحة العمل، هي اهم المبادئ التي يقوم عليها التخطيط في إدارة المشاريع الرشيقة.
و المبدأ الرابع و الأخير من نص إعلان الإدارة الرشيقة يركز على أن التعامل مع التغييرات و تقبلها و توجيهها بالشكل الصحيح أهم و أكثر ضرورة من الالتزام بخطة موضوعة مسبقاً علينا التقيد بها حتى النهاية ثم تحمل الخسائر و المخاطر.

التعامل مع التغييرات في الإدارة الرشيقة
رأينا أن الإدارة الرشيقة تعتمد على خطة رشيقة، يتم بناؤها على اساس تقسيم العمل الى مراحل و مهام متلاحقة و البدء بشكل بسيط ثم تطوير العمل و الإنجاز وفق دراسة نتائج المشروع حتى اللحظة الحالية و بعدها يتم وضع الخطة للمرحلة التالية.
إلا ان التغييرات ستحدث بالتأكيد مهما كان المشروع أو الاستراتيجية التي يقوم عليها، لكن المرونة التي تحملها الإدارة الرشيقة ستجعل التعامل مع المتغيرات الطارئة مهما بلغ تأثيرها أكثر سهولة على المشرف و القائمين على المشروع بالتالي نتائج أفضل في العمل.
تعتمد الاستجابة للمتغيرات و التكيف معها بشكل أساسي على مهارة المنظمة في التخطيط و حل المشكلات و مرونة أصحاب المشروع بالتعامل مع المخاطر و التغيرات التي يمكن أن تحدث اثناء عملهم، إلا أن التعامل مع التغيرات الصغيرة سيكون بشكل طبيعي أسهل و اكثر فعالية من التغيرات الشاملة التي تحدث في الإدارة التقليدية، أي أن التغير عندما يحدث خلال سير المشروع الرشيق سيؤثر فقط على المرحلة الحالية فبالإمكان التعامل معه و حله بل و الاستفادة منه ثم الانتقال الى وضع خطة المرحلة التالية بسهولة و يسر على عكس أنظمة الإدارة الأخرى التي لا تتمتع بهذه الرفاهية و المرونة.
و تختلف أساليب التعامل مع التغييرات حسب نوع التغيير و وقته و أثره على المشروع و نقاطه الإيجابية و السلبية التي يحملها، و يعتمد وضع خطة التعامل مع التغير على مهارة و صفات مشرف المشروع الرشيق بالمشاركة مع أفراد المشروع، فالعمل في الإدارة الرشيقة عمل جماعي و تعاوني لكن بإشراف و توجيه المشرف.
مواجهة أو تفادي التغيير، هي اثنتان من استراتيجيات التعامل، و يعتمد الاختيار بينهما على حجم التغيير و أثره، فعندما تقرر المنظمة مواجهة التغيير ستتكلف خسائراً بالطبع لكنها من الممكن ان تمنع تكرار حدوث هذا التغيير في المستقبل، أما عندما يقرر المشرف تفادي أثر التغيير فعليه أن يضع الخطط و الاستراتيجية التي تحمي المشروع من التأثر بهذا التغيير لأن المشرف سيكون قد أدرك أن هذا التغيير قادم مهما حدث فعليه التفكير بمرونة و فعالية لتفاديه و تجنب الخسائر في المشروع.
منع التغيير أو الخطر ربما يكون الاستراتيجية الأكثر فعالية في التعامل مع التغييرات، لكنه يتطلب قدرة المشرف و المنظمة و الموارد اللازمة للقضاء على هذا التهديد دون وقوع أي خسارة، يتطلب مهارة في التخطيط و التنفيذ منذ البداية، برصد و تحديد الأخطار و التغيرات التي من المحتمل أن تقع منذ بداية هذه المرحلة من مراحل المشروع.
هذه الاستراتيجيات جميعها عندما يكون المشرف بمواجهة تغيير سلبي، لكن و في بعض الأحيان حتى التغيير السلبي قد يحمل و يخبئ آثاراً إيجابية، و المهارة الأكبر هي في القدرة على دراسة الخطر القادم و التغيير الطارئ و كشف خفاياه و آثاره بدقة و المحاولة قدر الإمكان الاستفادة منه في حال أمكن ذلك، أما في حال كان التغيير سلبياً بالمطلق، فنظام الإدارة الرشيقة يوفر مسبقاً بالفعل أرضية عمل مرنة متكيفة قادرة على التغير و التحول مع التغييرات و المستجدات الحاصلة، و يبقى تدريب الفريق البشري القائم على المشروع و التأكد من اكتسابه خبرات و مهارات التكيف.